The news is by your side.

كان الإمام في قمة عطائه العلمي. ان الثورة والأبعاد الاجتماعية والسياسية طغت على بعده العلمي

آية الله السيد مجتبى نورمفيدي في المؤتمر العلمي لشرح مدرسة الإمام الخميني قدس سره الشريف

 

 

قال آية الله السيد مجتبى نورمفيدي رئيس مركز الدراسات الفقهية المعاصرة خلال كلمة له في المؤتمر العلمي لشرح مدرسة الإمام الخميني (قدس الله نفسه الزكية) حول موضوع “مواجهات الإمام الخميني (ع) الانتقادية بالنسبة لعلم الأصول في العصر المعاصر”، إن الناقد يجب أن يتمتع بأقصى القدرات والإمكانات العلمية. وكثير من النقاد لا يتمتعون بهذه القدرات، ويمكننا أن نرى هذا العجز بوضوح في أعمالهم وخطبهم. فكان الإمام في قمة عطائه العلمي وإمكاناته، ودخل كل مجال كخبير ومتخصص عظيم٠

 

هذا الأستاذ للبحث الخارج في الحوزة العلمية بقم، أشار إلى أن هناك خمس سمات وخصائص بارزة في المواجهة النقدية للإمام الخميني، وقال: إن النظرة الكلية لم تبعد الإمام عن النظرة الجزئية، ولا نرى هذه النظرة الكلية في كثير من العلماء. والسمة الثانية هي أن الإمام لديه عملية نشطة في مواجهة العلوم والمعارف، فهو يفكر بنفسه، ويسأل بنفسه، ويستخلص النتائج بنفسه. والنقطة التالية هي أنه يمكن ملاحظة الانضباط والانسجام في جميع أفكاره وآرائه، وخاصة في بُعد النقد٠

 

أضاف السيد: إن العديد من النقاد يهتمون بالبنية أكثر ويتجاهلون الأسس. والإمام يهتم بالأسس تمامًا، في بعض الأحيان يهدم أساس الرأي وأحيانًا يضع الأسس ويبني بناءً جديدًا وهيكلًا على تلك الأسس.”الخاصية الخامسة من خصائص المنهج النقدي للإمام أنه في كل علم يقيم المسائل حسب غاية ذلك العلم وهدفه، وعندما يواجه مسائل بعيدة عن غاية ذلك العلم وهدفه ومقصده، فإنه ينأى بنفسه ويوبخ المؤلفين على تركيزهم على ما لا ينبغي لهم التركيز عليه٠

 

يشير آية الله نور مفيدي: إن بعض انتقادات الإمام واشكتلاته بنيوية وبعضها منهجية. وأهم مواجهة نقدية للإمام لعلم الأصول في الوضع الحالي هو أن علم الأصول وقع في مسائل ومناقشات بعيدة عن غاية الأصول. والعلماء المحترمون يدركون ويعلمون أن الإمام يؤكد في مواضع عديدة، في رسالة الاجتهاد والتقليد وفي بعض المناقشات الأخرى، أن علم أصول الفقه هو مقدمة لعلم الفقه وعلم عضوي وليس علماً مستقلاً، وهدفه اكتشاف قواعد استنباط الأحكام وفهمها٠

 

أكد سماحته: أن الفقه الذي هو في نظره قانون الحياة الدنيا والآخرة ينبغي أن يكون هدفه اكتشاف المبادئ والقواعد، ولذلك يوضح الإمام أنه إذا كانت المناقشات في علم الأصول غير عملية ولا تؤثر في استنباط الفقه فلا فائدة من التعامل معه، وما ينكره الإمام وينتقده هو إدخال الكماليات في علم الأصول، ولا أحد يعارض تطوير علم الأصول بما يتفق مع الهدف الذي وجد من أجله٠

 

أضاف رئيس مركز الدراسات الفقهية المعاصرة: أليس الوقت قد حان لتدخل بعض هذه القضايا في علم الأصول، في حين أن هذا لم يحدث ويضيع الوقت في بعض القضايا التي لا دور لها في الاستنباط حسب رأي الإمام (رحمه الله). إننا الآن نواجه تحديات خطيرة؛ تحديات ليس فقط في مجال الرد على مشاكل ومعضلات العالم اليوم، بل حتى في الاستعانة بالنصوص والمصادر الدينية للإجابة على أسئلة الماضي٠

 

صرح سماحته : الآن من أهم التحديات في فهم النصوص والكتب الدينية ما أصبح يعرف بالتأويل؛ أصبحت طرق تفسير النص مختلفة جدًا؛ يتعلق الأمر بالطبيعة التاريخية لتفسير النصوص؛ يتعلق بتأثير القواعد التاريخية على النصوص الدينية والكتب الدينية. وقد يكون لبعض هذه الجوانب جانب كلامي، لكن من المؤكد أن جوانب بارزة منها تتعلق بعلم المبادئ٠

 

أضاف آية الله نور مفيدي: بعض نظريات الإمام لها القدرة على الدخول في علم المبادئ مناقشتها. فعندما تكون هذه المجالات والفتحات أمامنا، هل يجب أن نتناول قضايا ليس لها دور في الاستدلال؟ على سبيل المثال، نظرية الزمان والمكان هي واحدة من أهم النظريات الأصلية التي أعتقد أنها لم تتم مناقشتها بشكل جيد أو لم تكن متماسكة ومنضبطة٠

 

أكد سماحته أن نظرية المصلحة نظرية مهمة حقًا، وقال: هناك الكثير من إمكانات الجهد العلمي فيما يتعلق بالمصلحة. لقد أجريت بنفسي حوالي 70 جلسة مناقشة حول قاعدة المصلحة. ومن الواضح أيضاً من كلام الإمام أنه يرى أن المصلحة لا تدخل في مجال اكتشاف الحكم الثانوي واستنباطه أو تنفيذ الحكم الثانوي وتطبيقه فحسب، بل في استنباط الحكم الأولي أيضاً. فكم من العمل أنجز في هذا المجال؟! ولا بد من تطوير علم الأصول وفقاً لهذه الاحتياجات٠

 

في جزء آخر من حديثه بشأن الحد من تدخل العرف في فهم الخطابات الدينية، قال أستاذ البحث الخارج في الحوزة العلمية بقم: لا أحد يشك في تدخل العرف في فهم الخطابات الدينية؛ ولا أحد يقول إننا يجب أن نترك العرف ونعتمد على العقل فقط. وهذا بالطبع يختلف عن المحور الثاني الذي ذكرته، فقد وجدت الدقة العقلانية أحياناً طريقها حتى في فهم الخطب، وهذا يختلف عن ذلك المحور. لقد وسّع الإمام نطاق دور العرف في فهم الخطب الدينية٠

 

أوضح السيد: من المعلوم أن الخطابات الدينية تنحل بعدد الأفراد الملزمين، ونظرية الانحلال معروفة، ولكن الإمام في نقده لنظرية انحلال الخطابات الدينية بعدد الأفراد الملزمين، اخترع نظرية الخطاب الشرعي، فيقول: إن لدينا خطابين، لدينا خطاب شخصي وعنوان شرعي، والخطاب الشرعي هو الخطاب الذي يوجهه المشرع إلى المجتمع والشعب، والهدف من الخطاب العام ليس إيقاظ وتحريض الأفراد، بل إقامة القانون والإرادة التشريعية، ويكفي أن يكون عدد كبير من الناس قادرين على الإيقاظ ليكون هذا الخطاب صحيحًا، حتى لو لم يستيقظ عدد كبير، أما الكافر والعاصي والعاجز فلا يمكن توجيه هذا الخطاب إليهم مطلقًا٠

 

تابع آية الله نور مفيدي: لقد أخذ الإمام نظرية الخطابات الشرعية من العرف؛ أي أنهم كانوا يقصدون نفس الإجراء الذي جرت العادة عليه في التشريع، ولأنهم اعتبروا الخطاب الديني موافقاً للأحاديث المتعارف عليها قالوا إن هذا الخطاب ليس شخصياً حتى يتحلل بعدد الأفراد الملزمين. ثم ترى كم حلت هذه المشكلة؛ مشكلة مخاطبة العاجز والعاصي والكافر؛ وفي مسألة الأمر جرت كل تلك المناقشات بالترتيب وجلس الكبار على ركبهم حول ما يجب فعله بشأن مخاطبة الخطاب ووضع المهم والاهم معاً. وهذا أيضاً له آثار مهمة في المجال الاجتماعي؛ فعندما يتم شرح الجذور الصحيحة فإنه يصل إلى النهاية ويكون له تلك الآثار٠

 

ذكر سماحة السيد: في مناقشة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مناقشة حول ما إذا كان وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروطاً ومتوقفاً على علم القدرة أم لا. ولا يعتبر الإمام أن علم وجود القدرة شرط لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. نعم، إذا كان على يقين من أنه لا يستطيع، فهذا نقاش آخر؛ يقول الكبار السادة إنه في حالة الشك في القدرة ينطبق مبدأ البراءة ويزول التكليف، فيقول الإمام: لا، التكليف لا يرتفع بالشك٠

 

أكد رئيس معهد الدراسات الفقهية المعاصرة: إن الإمام مفكر وأفكاره كالمحار في أعماق بحر معرفته تحتاج إلى الإمساك بها ومعالجتها وتقديمها. مفكر ثورته والأبعاد الاجتماعية والسياسية لشخصيته تلقي بظلالها على بعده العلمي. وبطبيعة الحال، يجب أن يكون الإنسان متفائلاً ولا ييأس. ورغم أن هناك عوامل اجتمعت لجعل هذه الأفكار العلمية أقل شعبية، إلا أنه يجب مواصلة هذه الجهود بلا كلل، وخاصة حتى يمكن دمج هذه الأفكار في علم الاصول على شكل قواعد وتكون دليلاً ومصدر أمل للمجتمع والناس٠