The news is by your side.

ضرورة معرفة مكانة الفقه في حكمرانية الموسيقى

تفاصيل الجلسة

أقيمت الجلسة الرابعة من سلسلة الجلسات المتخصصة بعنوان “نسبت الدين والحوزات العلمية بالموسيقى” تحت موضوع “ضرورة معرفة مكانة الفقه في حكمرانية الموسيقى”، بتنظيم من إدارة الفضاء الافتراضي والفنون والإعلام في مكتب التبليغ الإسلامي بمحافظة خراسان الرضوية، وبالتعاون مع مركز أبحاث الدراسات الفقهية المعاصرة. شارك في الجلسة آية الله السيد مجتبى نورمفيدي، رئيس مركز أبحاث الدراسات الفقهية المعاصرة، كمتحدث رئيسي، ومحمد جواد استادي، رئيس إدارة الفضاء الافتراضي والفنون والإعلام، كأمين علمي للجلسة.

صُممت هذه السلسلة لدراسة علمية وفقهية لمسألة الموسيقى وعلاقتها بالدين والثقافة والمجتمع الإسلامي، بهدف توفير منصة للحوار العلمي بين الحوزات العلمية والأكاديميين ونشطاء المجال الفني.

الموسيقى: من التاريخ إلى الحياة المعاصرة

أشار آية الله نورمفيدي إلى تاريخ الموسيقى في الإسلام، موضحًا أنها بدأت تنتشر بشكل أوسع منذ عصر الخلافة الأموية، لكنها اليوم أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية بفضل التطور التكنولوجي. لم تعد الموسيقى خيارًا فرديًا أو مقتصرة على مجالس خاصة، بل أصبحت حاضرة في كل تفاصيل الحياة، مما يجعل تجاهلها غير ممكن. وأكد أن التغيرات التاريخية تُظهر ضرورة أن تتعامل الحوزات العلمية والنظام الفقهي مع هذه التحولات بتقديم ردود فعل مناسبة. كما أن دخول التكنولوجيا إلى عالم الموسيقى أدى إلى ظهور أنواع وأنماط ووظائف متنوعة، مما يجعل الدراسة الفقهية وحكمرانية الموسيقى أكثر تعقيدًا.

وظائف الموسيقى في المجالات الاجتماعية والثقافية والسياسية

تناول نورمفيدي الوظائف المتعددة للموسيقى، مشيرًا إلى ارتباطها العميق بالاقتصاد، السياسة، الثقافة، والمجتمع:

  • اقتصاديًا: تُوفر الموسيقى فرص عمل للكثيرين.

  • ثقافيًا: تُعد أداة لرواية القصص وتشكيل هوية الأجيال الجديدة.

  • اجتماعيًا وسياسيًا: يمكن للموسيقى أن تُروج للعنف أو العواطف السلبية، أو على العكس، تُعزز الأمل والطمأنينة والتضامن الاجتماعي. واستشهد بحرب الإثني عشر يومًا، حيث ساهم فنانون ملتزمون بإنتاج أعمال موسيقية قيمية وحماسية في تعزيز روح المقاومة، خاصة بين الجيل Z.

وأكد أن فهم هذه الوظائف بدقة ضروري للمديرين وصانعي السياسات لتصميم برامج فعالة لتوجيه وتنظيم هذا المجال.

تعريف الحكمرانية ودور الحوزات العلمية

عرّف نورمفيدي الحكمرانية بأنها مجموعة من مستويات وضع السياسات، التشريع، التنفيذ، والإشراف، موضحًا أن النظام الإسلامي، كونه قائمًا على الفقه والأحكام الشرعية، يجب أن يدرس موقع الموسيقى في هذه المستويات الأربعة. وأشار إلى أن النواة الأساسية لوضع السياسات في الحوزات العلمية هي الاستنباط الفقهي. وأوضح أن الفقهاء على مر التاريخ تباينت آراؤهم حول الموسيقى؛ فالبعض اعتبرها حرامًا مطلقًا، بينما قال آخرون، بناءً على الروايات والعدلية الفقهية، بجوازها في حالات معينة.

تنوع الآراء الفقهية حول الموسيقى

استند نورمفيدي إلى مصادر فقهية، مشيرًا إلى أن كتاب الوافي يجيز سماع الأناشيد التي تتناول مواضيع الجنة، الجحيم، الزهد، والإحسان. وأكد أن الغالبية تحرم الموسيقى اللهوية، أي تلك التي تُفقد المستمع سيطرته العقلية وتُوقعه في نوع من السكر أو الغفلة عن ذكر الله. وشدد على أن الاجتهاد الفقهي وحكمرانية الدين يجب أن تسترشد بمبدأ العدلية والاستنباط الاجتهادي عند التعامل مع جميع الظواهر، بما في ذلك الموسيقى.

خلاصة وتوصيات

في ختام حديثه، أكد نورمفيدي أن فهم الموسيقى بأبعادها المختلفة وتحديد موقعها في الحكمرانية ضرورة لا مفر منها. إذ إن إهمال هذه المسألة سيحرم الحوزات العلمية من لعب دور فعال في توجيه المجتمع ثقافيًا. ودعا إلى استمرار الحوار العلمي المنظم بين علماء الدين ونشطاء الفن لتطوير إطار دقيق للسياسات، التشريع، والإشراف في مجال الموسيقى.

ربط البحث بوضع السياسات

في الجزء الأخير من الجلسة، أشار محمد جواد استادي، الأمين العلمي، إلى أهداف هذه السلسلة، مؤكدًا أن الموسيقى قضية جارية وملحة في المجتمع لا يمكن معالجتها بالبحوث العلمية وحدها. بل يجب ربط البحوث الحوزوية والاجتهاد الديناميكي بعملية وضع السياسات الثقافية لتكون القرارات أقرب إلى الواقع الاجتماعي. وأكد أن الموسيقى ليست مجرد قضية فنية، بل ظاهرة متعددة الأبعاد تشمل الاقتصاد، الثقافة، السياسة، والمجتمع. وفي هذا السياق، يبقى دور الحوزات العلمية والفقه الإسلامي محوريًا في تنظيم وتوجيه هذا المجال من خلال الاجتهاد العلمي والحكمرانية الذكية.